ندعو من قبل في الدنيا شيئا: أي لم نكن نعبد شيئا; يقول الله تعالى ذكره: (كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ) يقول: كما أضل هؤلاء الذين ضل عنهم في جهنم ما كانوا يعبدون في الدنيا من دون الله من الآلهة والأوثان آلهتهم وأوثانهم، كذلك يضل الله أهل الكفر به عنه، وعن رحمته وعبادته، فلا يرحمهم فينجيهم من النار، ولا يغيثهم فيخفف عنهم ما هم فيه من البلاء.
القول في تأويل قوله تعالى: {ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) }
يعني تعالى ذكره بقوله: (ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) هذا الذي فعلنا اليوم بكم أيها القوم من تعذيبنا كم العذاب الذي أنتم فيه، بفرحكم الذي كنتم تفرحونه في الدنيا، بغير ما أذن لكم به من الباطل والمعاصي، وبمر حكم فيها، والمرح: هو الأشر والبطر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) إلى (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) قال: الفرح والمرح: الفخر والخُيَلاء، والعمل في الأرض بالخطيئة، وكان ذلك في الشرك، وهو مثل قوله لقارون: (إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) وذلك في الشرك.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ