يقول تعالى ذكره: وكما حق على الأمم التي كذبت رسلها التي قصصت عليك يا محمد قصصها عذابي، وحل بها عقابي بتكذيبهم رسلهم، وجدالهم إياهم بالباطل، ليدحضوا به الحق، كذلك وجبت كلمة ربك على الذين كفروا بالله من قومك، الذين يجادلون في آيات الله.
وقوله: (أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ) اختلف أهل العربية في موضع قوله (أنَّهُمْ) ، فقال بعض نحويّي البصرة: معنى ذلك: حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار: أي لأنهم، أو بأنهم، وليس أنهم في موضع مفعول ليس مثل قولك: أحققت أنهم لو كان كذلك كان أيضا أحققت، لأنهم. وكان غيره يقول:"أنهم" بدل من الكلمة، كأنه أحقت الكلمة حقا أنهم أصحاب النار.
والصواب من القول في ذلك، أن قوله"أنهم" ترجمة عن الكلمة، بمعنى: وكذلك حقّ عليهم عذاب النار، الذي وعد الله أهل الكفر به.
القول في تأويل قوله تعالى: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) }
يقول تعالى ذكره: الذين يحملون عرش الله من ملائكته، ومن حول عرشه، ممن يحفّ به من الملائكة (يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ) يقول: يصلون لربهم بحمده وشكره (وَيُؤْمِنُونَ بِهِ) يقول: ويقرّون بالله أنه لا إله لهم سواه، ويشهدون بذلك، لا يستكبرون عن عبادته (وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا) يقول: ويسألون ربهم أن يغفر للذين أقرّوا بمثل إقرارهم من توحيد الله، والبراءة من كلّ معبود سواه ذنوبهم، فيعفوها عنهم.