فترجم عن جهنم بقوله (لَشَرَّ مَآبٍ) ومعنى الكلام: إن للكافرين لشرَّ مَصِير يصيرون إليه يوم القيامة، لأن مصيرهم إلى جهنم، وإليها منقلبهم بعد وفاتهم (فَبِئْسَ الْمِهَادُ) يقول تعالى ذكره: فبئس الفراش الذي افترشوه لأنفسهم جهنم.
وقوله (هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) يقول تعالى ذكره: هذا حميم، وهو الذي قد أغلي حتى انتهى حرّه، وغساق فَلْيذوقوه; فالحميم مرفوع بهذا، وقوله (فَلْيَذُوقُوهُ) معناه التأخير، لأن معنى الكلام ما ذكرت، وهو: هذا حميم وغساق فليذوقوه. وقد يتجه إلى أن يكون هذا مكتفيا بقوله فليذوقوه ثم يُبْتَدأ فيقال: حميم وغَسَّاق، بمعنى: منه حميم ومنه غَسَّاق.
كما قال الشاعر:
حتى إذا أضَاءَ الصُّبْحُ في غَلَسٍ ... وَغُودِرَ البَقْلُ مَلْوِيٌّ وَمَحْصُودٌ (?)
وإذا وُجِّه إلى هذا المعنى جاز في هذا النصب والرفع. النصب: على أن يُضْمر قبلها لها ناصب، كم قال الشاعر:
زِيادَتَنا نُعْمانُ لا تَحْرِمَنَّنا ... تَقِ الله فِينا والكِتابَ الَّذي تَتْلُو (?)
والرفع بالهاء في قوله (فَلْيَذُوقُوهُ) كما يقال: الليلَ فبادروه، والليلُ فبادروه.