مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا) يقول: الذي أخرج لكم من الشجر الأخضر نارا تُحْرق الشجر، لا يمتنع عليه فعل ما أراد، ولا يعجز عن إحياء العظام التي قد رَمَّت، وإعادتها بشَرا سويا، وخلقا جديدا، كما بدأها أول مرة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأخْضَرِ نَارًا) يقول: الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر قادر أن يبعثه.
قوله (فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) يقول: فإذا أنتم من هذا الشجر توقدون النار؛ وقال) مِنْهُ) والهاء من ذكر الشجر، ولم يقل: منها، والشجر جمع شجرة، لأنه خرج مخرج الثمر والحصَى، ولو قيل: منها كان صوابا أيضًا، لأن العرب تذكِّر مثل هذا وتؤنِّثه.
(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) يقول تعالى ذكره منبها هذا الكافر الذي قال (مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) على خطأ قوله، وعظيم جهله (أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ) السبع (وَالأرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ) مثلكم، فإن خلق مثلكم من العظام الرميم ليس بأعظم من خلق السَّمَواتِ والأرض. يقول: فمن لم يتعذر عليه خلق ما هو أعظم من خلقكم، فكيف يتعذر عليه إحياء العظام بعد ما قد رمَّت وبلِيَت؟ وقوله (بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ) يقول: بلى هو قادر على أن يخلق مثلهم وهو الخلاق لما يشاء، الفعَّال لما يريد، العليم بكل ما خلق ويخلق، لا يخفي عليه خافية.
القول في تأويل قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (82) فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) }