فيهم (وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ) فإخراج ذلك خبرا على نحو ما خرج قوله (لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ) أعجب إلي، وإن كان الآخر غير مدفوع.
ويعني تعالى ذكره بقوله (أَفَلا يَعْقِلُونَ) : أفلا يعقل هؤلاء المشركون قُدْرة الله على ما يشاء بمعاينتهم ما يعاينون من تصريفه خلقه فيما شاء وأحب من صغر إلى كبر، ومن تنكيس بعد كبر في هرم.
وقوله (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ) يقول تعالى ذكره: وما علَّمنا محمدا الشعر، وما ينبغي له أن يكون شاعرا.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ) قال: قيل لعائشة: هل كان رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه، غير أنه كان يتمثَّل ببيت أخي بني قيس، فيجعل آخره أوله، وأوله آخره، فقال له أبو بكر: إنه ليس هكذا، فقال نبي الله: "إني وَاللهِ ما أنا بِشاعِرٍ، وَلا يَنْبَغِي لي".
وقوله (إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ) يقول تعالى ذكره: ما هو إلا ذكر، يعني بقوله) إنْ هُوَ) أي: محمد إلا ذكر لكم أيها الناس، ذكركم الله بإرساله إياه إليكم، ونبهكم به على حظكم (وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) يقول: وهذا الذي جاءكم به محمد قرآن مبين، يقول: يَبِين لمن تدبَّره بعقل ولب، أنه تنزيل من الله أنزله إلى محمد، وأنه ليس بشعر ولا مع كاهن.
كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) قال: هذا القرآن.
وقوله (لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا) يقول: إن محمد إلا ذكر لكم لينذر منكم أيها الناس من كان حي القلب، يعقل ما يقال له، ويفهم ما يُبين له، غير ميت الفؤاد بليد.