44

القَيِّمِ) لطاعة ربك، والمِلةِ المستقيمةِ التي لا اعوجاج فيها عن الحقِّ (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ) يقول تعالى ذكره: من قبل مجيء يوم من أيام الله لا مردّ له لمجيئه؛ لأن الله قد قضى بمجيئه فهو لا محالة جاء (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) يقول: يوم يجيء ذلك اليوم يصدّع الناسُ، يقول: يتفرّق الناس فرقتين من قولهم: صَدَعتُ الغنم صدعتين: إذا فرقتها فرقتين: فريق في الجنة، وفريق في السعير.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (فَأقِمْ وَجْهَكَ للدِينِ القَيِّمِ) الإسلام (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) فريق في الجنة، وفريق في السعير.

حدثني علي، قال: ثنا أبو صالح، قال: ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس قوله: (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) يقول: يتفرّقون.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (يَصَّدَّعُونَ) قال: يتفرّقون إلى الجنة، وإلى النار.

القول في تأويل قوله تعالى: {مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (44) }

يقول تعالى ذكره: من كفر بالله فعليه أوزار كفره، وآثام جحوده نِعَمَ ربه، (وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا) : يقول: ومن أطاع الله، فعمل بما أمره به في الدنيا، وانتهى عما نهاه عنه فيها (فَلأنْفُسِهِمْ يَمْهَدونَ) يقول: فلأنفسهم يستعدون، ويسوّون المضجع ليسلموا من عقاب ربهم، وينجوا من عذابه، كما قال الشاعر:

امْهِدْ لنفْسِكَ حانَ السُّقْمُ والتَّلَفُ ... وَلا تُضَيِّعَنَّ نَفْسا مَا لَها خَلَفُ (?)

وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال أهل التأويل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015