يقول تعالى ذكره: أم حَسِبَ الذين يشركون بالله فيعبدون معه غيره، وهم المعنيون بقوله: (الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا) يقول: أن يعجزونا فيفوتونا بأنفسهم، فلا نقدر عليهم فننتقم منهم لشركهم بالله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ) أي: الشرك أن يسبقونا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (أنْ يَسْبقُونا) أن يعجزونا.
وقوله: (سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ) يقول تعالى ذكره: ساء حكمهم الذي يحكمون بأن هؤلاء الذين يعملون السيئات يسبقوننا بأنفسهم.
القول في تأويل قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (5) وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (6) }
يقول تعالى ذكره: من كان يرجو الله يوم لقائه، ويطمع في ثوابه، فإن أجل الله الذي أجله لبعث خلقه للجزاء والعقاب لآت قريبا، (وهو السميع) يقول: والله الذي يرجو هذا الراجي بلقائه ثوابه، السميع لقوله: آمنا بالله، العليم بصدق قيله، إنه قد آمن من كذبه فيه، وقوله: (وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ) يقول: ومن يجاهد عدوَّه من المشركين فإنما يجاهد لنفسه؛ لأنه يفعل ذلك ابتغاء الثواب من الله على جهاده، والهرب من العقاب، فليس بالله إلى فعله ذلك حاجة، وذلك أن الله غنيّ عن جميع خلقه، له الملك والخلق والأمر.