الصُّورُ؟ قال: "قَرْنٌ"، قلت: فكيف هو؟ قال: "عَظِيمٌ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدهِ، إنَّ عِظَمَ دائِرَةٍ فيه، لَكَعَرْضِ السَّمَوَاتِ والأرْض، يَأْمُرُهُ فَيَنْفُخُ نَفْخَةَ الفَزَعِ، فَيفْزَعُ أهْلُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ إلا مَنْ شاءَ اللهِ"، ثم ذكر باقي الحديث نحو حديث أبي كُرَيب عن المحاربي، غير أنه قال في حديثه "كالسفينة المرفأة في البحر".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: ونفخ في صور الخلق.
*ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) أي في الخلق. قوله: (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ) يقول: ففزع من في السموات من الملائكة ومن في الأرض من الجن والإنس والشياطين، من هول ما يعاينون ذلك اليوم.
فإن قال قائل: وكيف قيل: (فَفَزِعَ) ، فجعل فزع وهي فعل مردودة على ينفخ، وهي يَفْعُلُ؟ قيل: العرب تفعل ذلك في المواضع التي تصلح فيها إذا، لأن إذا يصلح معها فعل ويفعل، كقولك: أزورك إذا زرتني، وأزورك إذا تزورني، فإذا وضع مكان إذا يوم أجرى مجرى إذا. فإن قيل: فأين جواب قوله: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ) ؟ قيل: جائز أن يكون مضمرا مع الواو، كأنه قيل: ووقع القول عليهم بما ظلموا فهم لا ينطقون، وذلك يوم ينفخ في الصور. وجائز أن يكون متروكا اكتفي بدلالة الكلام عليه منه، كما قيل: (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) فترك جوابه.
وقوله: (إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) قيل: إن الذين استثناهم الله في هذا الموضع من أن ينالهم الفزع يومئذ الشهداء، وذلك أنهم أحياء عند ربهم يُرزقون، وإن كانوا في عداد الموتى عند أهل الدنيا، وبذلك جاء الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرناه في الخبر الماضي.
وحدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوّام عمن حدثه، عن أبي هريرة، أنه قرأ هذه الآية: (فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ) قال: هم الشهداء.
وقوله: (وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ) يقول: وكلّ أتوه صاغرين.
وبمثل الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.