فيتقلبون فيه لمعايشهم، فيتفكروا في ذلك، ويتدبروا، ويعلموا أن مصرِّف ذلك كذلك هو الإله الذي لا يعجزه شيء، ولا يتعذر عليه إماتة الأحياء، وإحياء الأموات بعد الممات، كما لم يتعذر عليه الذهاب بالنهار والمجيء بالليل، والمجيء بالنهار والذهاب بالليل مع اختلاف أحوالهما (إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) يقول تعالى ذكره: إن في تصييرنا الليل سكنا، والنهار مبصرا لدلالة لقوم يؤمنون بالله على قدرته على ما آمنوا به من البعث بعد الموت، وحجة لهم على توحيد الله.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) }
اختلف أهل التأويل في تأويل قوله تعالى: (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) وقد ذكرنا اختلافهم فيما مضى، وبيَّنا الصواب من القول في ذلك عندنا بشواهده، غير أنا نذكر في هذا الموضع بعض ما لم يذكر هناك من الأخبار، فقال بعضهم: هو قرن يُنفخ فيه.
*ذكر بعض من لم يُذكر فيما مضى قبل من الخبر عن ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (ويوم يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) قال كهيئة البوق.
حدثنا القاسم قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قال: الصور: البوق قال: هو البوق صاحبه آخذ به يقبض قبضتين بكفيه على طرف القرن، بين طرفه وبين فيه قدر قبضة أو نحوها، قد برك على ركبة إحدى رجليه، فأشار، فبرك على ركبة يساره مقعيًا على قدمها عقبها تحت فخذه وأليته وأطراف أصابعها في التراب.
قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، قال: الصور كهيئة القرن قد رفع إحدى ركبتيه إلى السماء، وخفض الأخرى، لم يلق جفون عينه على غمض منذ خلق الله السموات مستعدًا مستجدًا، قد وضع الصور على فيه ينتظر متى يؤمر أن ينفخ فيه.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن إسماعيل بن رافع