وقال آخرون: هو قول الكذب.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، قوله: (وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) قال: الكذب.
قال أبو جعفر: وأصل الزور تحسين الشيء، ووصفه بخلاف صفته، حتى يخيل إلى من يسمعه أو يراه، أنه خلاف ما هو به، والشرك قد يدخل في ذلك، لأنه محسَّن لأهله، حتى قد ظنوا أنه حق، وهو باطل، ويدخل فيه الغناء، لأنه أيضا مما يحسنه ترجيع الصوت، حتى يستحلي سامعه سماعه، والكذب أيضا قد يدخل فيه لتحسين صاحبه إياه، حتى يظنّ صاحبه أنه حق، فكل ذلك مما يدخل في معنى الزور.
فإذا كان ذلك كذلك، فأولى الأقوال بالصواب في تأويله أن يقال: والذين لا يشهدون شيئا من الباطل لا شركا، ولا غناء، ولا كذبا ولا غيره، وكلّ ما لزمه اسم الزور، لأن الله عمّ في وصفه إياهم أنهم لا يشهدون الزور، فلا ينبغي أن يخص من ذلك شيء إلا بحجة يجب التسليم لها، من خبر أو عقل.
وقوله: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) اختلف أهل التأويل في معنى اللغو الذي ذُكر في هذا الموضع، فقال بعضهم: معناه: ما كان المشركون يقولونه للمؤمنين، ويكلمونهم به من الأذى. ومرورهم به كراما إعراضهم عنهم وصفحهم.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) قال: صفحوا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) قال: إذا أوذوا مرّوا كراما، قال: صفحوا.
وقال آخرون: بل معناه: وإذا مرّوا بذكر النكاح، كفوا عنه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا هشيم، قال: أخبرنا العوام