لك، إذ لم تكن مأخوذة من فعل، فإذا قالوا: أقبل، لم يقولوا لك، لاحتمال الفعل ضمير الاسم.

واختلف أهل العربية في كيفية الوقف على هيهات، فكان الكسائي يختار الوقوف فيها بالهاء؛ لأنها منصوبة، وكان الفرّاء يختار الوقوف عليها بالتاء، ويقول: من العرب من يخفض التاء، فدلّ على أنها ليست بهاء التأنيث، فصارت بمنزلة دراك ونظار، وأما نصب التاء فيهما؛ فلأنهما أداتان، فصارتا بمنزلة خمسة عشر، وكان الفرّاء يقول: إن قيل: إن كل واحدة مستغنية بنفسها، يجوز الوقوف عليها، وإن نصبها كنصب قوله: ثمت جلست; وبمنزلة قوله الشاعر.

ماوِيَّ يا رُبَّتَما غارَةٍ ... شَعْوَاءَ كاللَّذْعَة بالمِيسمِ (?)

قال: فنصب هيهات بمنزلة هذه الهاء التي في "ربت" لأنها دخلت على حرف، على ربّ وعلى ثم، وكانا أداتين، فلم تغيرهما عن أداتهما فنصبا.

واختلف القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته قرّاء الأمصار غير أبي جعفر: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ) بفتح التاء فيهما. وقرأ ذلك أبو جعفر: (هيهات هيهات) بكسر التاء فيهما. والفتح فيهما هو القراءة عندنا؛ لإجماع الحجة من القراء عليه.

وقوله: (إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا) يقول: ما حياة إلا حياتنا الدنيا التي نحن فيها (نَمُوتُ وَنَحْيَا) يقول: تموت الأحياء منا فلا تحيا، ويحدث آخرون منا فيولدون أحياء (وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) يقول: قالوا: وما نحن بمبعوثين بعد الممات.

كما حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) قال: يقول ليس آخرة ولا بعث، يكفرون بالبعث، يقولون: إنما هي حياتنا هذه ثم نموت ولا نحيا، يموت هؤلاء ويحيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015