(وَتُرَى النَّاسَ) بضم التاء ونصب الناس، من قول القائل: أرِيْت تُرى، التي تطلب الاسم والفعل (?) ، كظنّ وأخواتها.
والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء.
واختلف القرّاء في قراءة قوله (سُكارَى) فقرأ ذلك عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة (سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) . وقرأته عامة قرّاء أهل الكوفة (وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى ومَا هُمْ بِسَكْرَى) .
والصواب من القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مستفيضتان في قَرأة الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب، ومعنى الكلام: وترى الناس يا محمد من عظيم ما نزل بهم من الكرب وشدّته سُكارى من الفزع وما هم بسكارى من شرب الخمر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك: قال أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن أبي بكر، عن الحسن (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى) من الخوف (وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) من الشراب.
قال ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قوله (وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) قال: ما هُم بسكارى من الشراب، (وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى) قال: ما شربوا خمرا يقول تعالى ذكره: (وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) يقول تعالى ذكره: ولكنهم صاروا سكارى من خوف عذاب الله عند معاينتهم ما عاينوا من كرب ذلك وعظيم هوله، مع علمهم بشدة عذاب الله.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3) }