فَلَمَّا رأى الحَجَّاجَ جَرَّدَ سَيْفَهُ ... أسَرَّ الحَرُورِيُّ الّذِي كانَ أضْمَرَا (?)

وقال: عنى بقوله: أسرّ: أظهر. قال: وقد يجوز أن يكون معنى قوله (وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ) وأظهروها، قال: وذلك أنهم قالوا: (يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا) . وقال جميع هؤلاء الذين حكينا قولهم جائز أن يكون قول من قال: معنى ذلك: أكاد أخفيها من نفسي، أن يكون أراد: أخفيها من قبلي ومن عندي، وكلّ هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرنا توجيه منهم للكلام إلى غير وجهه المعروف، وغير جائز توجيه معاني كلام الله إلى غير الأغلب عليه من وجوهه عند المخاطبين به، ففي ذلك مع خلافهم تأويل أهل العلم فيه شاهد عدل على خطأ ما ذهبوا إليه فيه.

وقوله (لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى) يقول تعالى ذكره: إن الساعة آتية لتجزى كلّ نفس: يقول: لتثاب كل نفس امتحنها ربها بالعبادة في الدنيا بما تسعى، يقول: بما تعمل من خير وشرّ، وطاعة ومعصية، وقوله (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا) يقول تعالى ذكره: فلا يردّنك يا موسى عن التأهُّب للساعة، من لا يؤمن بها، يعني: من لا يقرّ بقيام الساعة، ولا يصدّق بالبعث بعد الممات، ولا يرجو ثوابا، ولا يخاف عقابا. وقوله (وَاتَّبَعَ هَوَاهُ) يقول: اتبع هوى نفسه، وخالف أمر الله ونهيه (فَتَرْدَى) يقول: فتهلك إن أنت انصددت عن التأهب للساعة، وعن الإيمان بها، وبأن الله باعث الخلق لقيامها من قبورهم بعد فنائهم بصدّ من كفر بها، وكان بعضهم يزعم أن الهاء والألف من قوله (فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا) كناية عن ذكر الإيمان، قال: وإنما قيل عنها وهي كناية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015