يقول تعالى ذكره: وتكاد الجبال أن تخرّ انقضاضا، لأن دعوا للرحمن ولدا. ف "أن" في موضع نصب في قول بعض أهل العربية، لاتصالها بالفعل، وفي قول غيره في موضع خفض بضمير الخافض، وقد بينا الصواب من القول في ذلك في غير موضع من كتابنا هذا بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.

وقال (أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا) يعني بقوله: (أَنْ دَعَوْا) : أن جعلوا له ولدا، كما قال الشاعر:

ألا رُبَّ مَنْ تَدْعُو نَصِيحا وَإنْ تَغِب ... تَجدْهُ بغَيْبٍ غيرَ مُنْتَصِحِ الصَّدْرِ (?)

وقال ابن أحمر:

أهْوَى لَهَا مِشْقَصًا حَشْرًا فَشَبْرَقَها ... وكنتُ أدْعُو قَذَاها الإثمدَ القَرِدَا (?)

وقوله (وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا) يقول: وما يصلح لله أن يتخذ ولدا، لأنه ليس، كالخلق الذين تغلبهم الشهوات، وتضطرّهم اللذّات إلى جماع الإناث، ولا ولد يحدث إلا من أنثى، والله يتعالى عن أن يكون كخلقه، وذلك كقول ابن أحمر:

في رأسِ خَلْقاءَ مِنْ هَنْقاءَ مُشْرِفَةٍ ... ما ينبغي دُونَها سَهْلٌ ولا جَبَلُ (?)

يعني: لا يصلح ولا يكون.

(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا) يقول: ما جميع من في السماوات من الملائكة، وفي الأرض من البشر والإنس والجنّ (إِلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015