تفسير الشعراوي (صفحة 9430)

وتعتبرونه اختلافاً في الأسلوب هو منتهى الدقة في التعبير القرآني. . ذلك أن الحديث عن طائفتين: مُثنّى. . نعم. . فلو تقاتلا، هل ستمسك كل طائفة سَيْفاً لتقاتل الأخرى؟

لا. . بل سيُمسِك كُلُّ جندي منها سَيْفاً. . فالقتال هناك بالمجموع. . مجموع كل طائفة لمجموع الطائفة الأخرى، فناسب أن يقول: اقتتلوا؛ لأن القتال حركة ذاتية من كُلّ فرد في الطائفتين.

فإذا ما جاء وقت الصُلّح، هل نصالح كل جندي من هذه على كل جندي من هذه؟ لا. . بل الصُّلْح شأْنُ السادة والزعماء والقادة لكل طائفة، ففي الصُّلْح نعود للمثنى، حيث ينوب هؤلاء عن طائفة، وهؤلاء عن طائفة، ويتم الصُّلْح بينهما.

إذن: اختلاف الضمير هنا آية من آيات الإعجاز البياني؛ لأن المتكلم هو الحق سبحانه وتعالى.

وقوله: {الحمد لِلَّهِ ... } [النحل: 75] .

كأن الحق سبحانه يقول: الحمد لله أنْ وافقَ حُكْمكم ما أريد، فقد نطقتُم أنتم وحكمتُمْ.

{بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [النحل: 75] .

قوله: أكثرهم لا يعلمون يدل على أن الأقلية تعلم، وهذا ما يُسمُّونه «صيانة الاحتمال» ؛ لأنه لما نزلَ القرآن الكريم كان هناك جماعة من الكفار ومن أهل الكتاب يُفكّرون في الإيمان واعتناق هذا الدين، فلو نفى القرآن العلم عن الجميع فسوف يُصدَم هؤلاء،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015