تفسير الشعراوي (صفحة 9397)

مَنْ مِنّا يُسخّر الآخر؟! كُلٌّ منا مُسخَّر للآخر، أنت مُسخَّر لي فيما تتقنه، وأنا مُسخَّر لك فيما أتقنه. . هذه حكمة الله في خَلْقه ليتم التوازن والتكامل بين أفراد المجتمع.

وربُّنا سبحانه وتعالى لم يجعل هذه المهن طبيعية فينا. . يعني هذا لكذا وهذا لكذا. . لا. . الذي يرضى بقدر الله فيما يُناسبه من عمل مهما كان حقيراً في نظر الناس، ثم يُتقن هذا العمل ويجتهد فيه ويبذل فيه وُسْعه يقول له الحق سبحانه: ما دُمْتَ رضيتَ بقدري في هذا العمل لأرفعنّك به رِفْعة يتعجَّب لها الخَلْق. .

وفعلاً تراهم ينظرون إلى أحدهم ويشيرون إليه: كان شيالاً. . كان أجيراً. . نعم كان. . لكنه رَضِي بما قسم الله وأتقن وأجاد، فعوَّضه الله ورفعه وأعلى مكانته.

ولذلك يقولون: مَنْ عمل بإخلاص في أيّ عمل عشر سنين يُسيّده الله بقية عمره، ومَنْ عمل بإخلاص عشرين سنة يُسيّد الله أبناءه، ومَنْ عمل ثلاثين سنة سيَّد الله أحفاده. . لا شيء يضيع عند الله سبحانه.

فليس فينا أَعْلى وأَدْنى، وإياك أنْ تظنَّ أنك أعلى من الناس، نحن سواسية، ولكن مِنَّا من يُتقِن عمله، ومِنَّا مَنْ لا يتقن عمله؛ ولذلك قالوا: قيمة كل امرئ ما يُحسِنه.

ولا تنظر إلى زاوية واحدة في الإنسان، ولكن انظر إلى مجموع الزوايا، وسوف تجد أن الحق سبحانه عادلٌ في تقسيم المواهب على الناس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015