تفسير الشعراوي (صفحة 9024)

أي: يا معشرَ الجنِّ قد استطعتُم أنْ تُوحوا لكثير من الإنس بالغواية والمعصية، ليكونوا أولياءكم، وهكذا نجد أن كل جماعة تتفق على شيء نُسمِّيهم أزواجاً.

وهنا يُوضِّح الحق سبحانه: إياكَ أنْ تَمُدَّ عينيك إلى ما متَّعنا به أزواجاً منهم، لأننا أعطيناك أعلى عطاءٍ، وهو معجزة القرآن حارس القيم، والذي يضمُّ النَّهْج القويم.

ويتابع سبحانه:

{وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} [الحجر: 88] .

ويُقال: حزنت منه، وحَزِنت عليه، وحَزِنت له؛ فمَنْ ناله ما يُحزن، ولم يَصْدُر عنك هذا السبب في حزنه؛ فأنت تقول له «حَزِنت لك» .

وآخر ارتكب فِعْلاً يُسِيء إلى نفسه؛ فأنت تحزن عليه. ورسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَزِن عليهم؛ فقد كان يُحِبّ أنْ يؤمنوا، وأنْ يتمتعوا بالنعمة التي يتمتع هو بها.

ولذلك نجد الحق سبحانه يقول عن رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:

{لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128] .

فمِنْ رأفته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَعُبَ على نفسه أنْ ينَال قومه مشقةٌ؛ فالرحمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015