{لَوْ هَدَانَا الله لَهَدَيْنَاكُمْ ... } [إبراهيم: 21] .
ونعلم أن الإنسان إذا ما وقع في مأزق أقوى من قدراته: ولا فجْوة فيه للنجاة؛ فهو يستقبل هذا المأزق بأحد استقبالين؛ الاستقبال الأول: أن يجزعَ ويتضرعَ؛ والاستقبال الثاني: أنْ يصمدَ ويصبرَ.
وهنا نجد الكافرين يقولون:
{سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَآ أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ} [إبراهيم: 21] .
أي: أنهم سواء جَزِعوا وتضرَّعوا أو صبروا وصمدوا فلن يُنجيهم الله مِمَّا هم فيه؛ فلا مَهْرب ولا مَنْجي.
و «حاص» في المكان أي: ذهب إلى هنا أو هناك، ولا يجد راحة؛ ونجد في تعبيرنا العاميّ ما يُصوّر ذلك وهو قولنا «فلان حايص» أي: لا يجد مكاناً يرتاح فيه.
ولذلك يقال: «نَبَتْ بهم الأرض» ؛ أي: أن كُلَّ مكان في الأرض يرفضهم؛ ويشرح الحق سبحانه هذه القضية فيقول:
{حتى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرض بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ ... } [التوبة: 118] .
وهكذا نرى مَن نَبت بهم الأرض؛ إنما لا تسعهم أنفسهم أيضاً بل تضيق عليهم؛ ونسمع مِمَّنْ يُنكّل بهم الحق في الحياة الدنيا مَنْ يقول: «أنا لا أطيق نفسي» .