تفسير الشعراوي (صفحة 8331)

حين يُخيَّر بين أمرين؛ فهو يستعجل الحسنة؛ لأنها تنفع، ويستبعد السيئة.

ومادامت نفوس هؤلاء الكافرين فاسدة؛ ومادامت مقاييسهم مُخْتلة، فلابد أن السبب في ذلك هو الكفر.

إذن: فاستعجال السيئة قبل الحسنة بالنسبة للشخص أو للجماعة؛ دليلُ حُمْق الاختيار في البدائل؛ فلو أنهم أرادوا الاستعجال الحقيقي للنافع لهم؛ لاستعجلوا الحسنة ولم يستعجلوا السيئة.

وهنا يقول الحق سبحانه: {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بالسيئة قَبْلَ الحسنة وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات ... } [الرعد: 6]

فلماذا يستعجلون العذاب؟ ألم ينظروا ما الذي حاق بالذين كذَّبوا الرسل من قبلهم؟

وحين يقول الرسول: احذروا أن يصيبكم عذاب، أو احذروا أنْ كذا وكذا؛ فهل في ذلك كذب؟ ولماذا لم ينظروا للعِبَر التي حدثتْ عَبْر التاريخ للأقوام التي كذبتْ الرسل من قبلهم؟

و «المَثُلات» جمع «مُثْلة» ؛ وفي قول آخر «مَثُلَة» . والحق سبحانه يقول لنا: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ... } [النحل: 126]

ويقول أيضاً: {وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ... } [الشورى: 40]

وهكذا تكون «مَثُلات» من المثل؛ أي: أن تكون العقوبة مُمَاثلة للفعل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015