التجربة الأولى: تجربة مُعَايشته في السجن هو وزميله الخباز، وقولهما له: {إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين} [يوسف: 36] .
وكان قولهما هذا هو حيثية سؤالهم له أن يُؤوِّل لهما الرؤييين: {وَدَخَلَ مَعَهُ السجن فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَآ إني أراني أَعْصِرُ خَمْراً وَقَالَ الآخر إِنِّي أراني أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطير مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ المحسنين} [يوسف: 36] .
والتجربة الثانية: هي مجيء واقع حركة الحياة بعد ذلك مطابقاً لتأويله للرؤييين. ولذلك يقول له هنا:
{يُوسُفُ أَيُّهَا الصديق أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لعلي أَرْجِعُ إِلَى الناس لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ} [يوسف: 46] .
أي: أفتِنَا في رُؤيا سبع بقرات سِمَان؛ يأكلهن سبعُ بقرات شديد الهُزَال، وسبع سُنْبلات خُضْر، وسبع أُخر يابسات، لَعلِّي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون.
وقوله: {أَفْتِنَا} [يوسف: 46] .
يوضح أنه لا يسأل عن رؤيا تخصُّه؛ بل هي تخص رائياً لم يُحدده، وإنْ كنا قد عرفنا أنها رُؤيا الملك.
وقوله: {لعلي أَرْجِعُ إِلَى الناس} [يوسف: 46] .
هو تحرُّز واحتياط في قضية لا يجزم بها؛ وهو احتياط في واقع