تفسير الشعراوي (صفحة 6537)

وحين بلغ الطوفان تمامه استوت مركب سيدنا نوح ومعه المؤمنون من قومه، وقال الحق:

{واستوت عَلَى الجودي ... } [هود: 44]

أي: استقرت على الجبل واستتب الأمر.

إذن: فكل استواء لله يجب أن يؤخذ على أنه استواء يليق بذاته، وصفاته، التي قد يوجد في البشر مثلها، لكنها صفات مطلقة في إطار: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ... } [الشورى: 11]

وفعْل الله لا يمكن أن يتساوى مع فعل البشر؛ ولذلك قلنا في حديث الإسرَاء: إن الكفار المعاصرين للإسراء حينما كذَّبوا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في أنه قد أسرى به، قالوا: أتدَّعي أنك أتيتَ بيت المقدس في ليلة، ونحن نضرب إليها أكباد الإبل شهراً؟ وهذا القول المستنكر يؤكد أنهم قد فهموا أن الإسراء قد حدث حقيقة.

ورغم ذلك تجد بعض المعاصرين - الذين يدعون المعاصرة والفهم - يتساءلون: ولماذا لا تقولون: إن الإسراء قد تَمَّ بالروح؟ ونقول لهم: إن كفار قريش أنفسهم الذين عاصروا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ لم يقولوا ذلك، وفهموا أن الإسراء قد تمَّ بالجسد؛ لذلك قالوا: «أنضرب إليها أكباد الإبل شهراً،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015