ونعلم أن اليتيم هو من فقد أباه، ولم يبلغ مبلغ الرجال، هذا في الإنسان، أما اليتيم في الحيوان فهو من فقد أمه. وقوله الحق: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ. .} [الأنعام: 152]
هنا يفرض سبحانه أن اليتيم له مال، فلم يقل: لا تأكل مال اليتيم. بل أمرك ألا تقترب منه ولو بالخاطر، ولو بالتفكير، وعليك أن تبتعد عن هذه المسألة. وإذا كان قد قال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم} فهل هذا الأمر على إطلاقه؟ . لا؛ لأنه اضاف وقال بعد ذلك: {إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ} أي بأن نُثَمِّرَ له ماله تثمراً يسع عيشه، ويبقى له الأصل وزيادة، ولذلك قال في موضع آخر: {وارزقوهم فِيهَا ... } [النساء: 5]
فلا يأخذ أحد مال اليتيم ويدخره، ثم يعطيه منه كل شهر جزءاً حتى إذا بلغ الرشد يجد المال قد نقص أو ضاع، لذلك لم يقل: ارزقوهم منها، بل قال: {وارزقوهم فِيهَا} أي ارزقوهم رزقاً ناشئاً منها. فَمَالُهم ظرفية للرزق، ولا يتأتىّ هذا إلا بأن نثموها لليتيم، ولا نحرم الوصاية على اليتيم لرعاية ماله من أصحاب