تفسير الشعراوي (صفحة 14755)

عشقوا الإيمان، فأحبوا أنْ تُبني حركة حياتهم على هدى الإيمان.

حتى المسائل التي كانت لها جذور في الجاهلية راحوا يسألون عنها، لماذا، مع أن الإسلام أقرها؟ قالوا: لأنهم أرادوا أنْ يَبْنوا أعمالهم على العبادة، لا على العادة الجاهلية.

والقرآن حينما عرض لهذه الأسئلة قال مرة: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ المحيض قُلْ هُوَ أَذًى ... } [البقرة: 222] فرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما سُئِل هذا السؤال لم يَقُلْ: هو أذى؛ لأن الجواب ليس من عنده، إنما هو مُبَلِّغ عن الله، والله هو الذي يقول، فقال {قُلْ هُوَ أَذًى ... } [البقرة: 222] فكلمة قُلْ هذه من مقول الله تعالى، وأنا أقولها كما هي.

لذلك نعجب ممن ينادي بحذف كلمة {قلْ} من القرآن، بحجة أنها لا تضيف جديداً للمعنى في حين أنها دليل على صدق سيدنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ ودليل على أن ما جاء به لس من عنده إنما من عند الله وهو مبلغ فحسب فربهُ قال له قل وهو يقولها كما هي {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ العفو. .} [البقرة: 219] وفي موضع آخر: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَآ أَنْفَقْتُمْ مِّنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ والأقربين ... } [البقرة: 215] .

لكن قُلْ تأتي مرة مقترنة بالفاء، ومرة أخرى غير مقترنة بها، فلماذا؟ هذا مَلْمح إعجازي في أداء القرآن، لأن الجواب بقُلْ يعني أن السؤال قد حدث بالفعل، مثل {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهلة قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والحج ... } [البقرة: 189] .

أما الجواب حين يقترن بالفاء، فإنه يعني وجودَ شرطٍ، فالسؤال لم يحدث بالفعل، إنما سيحدث في المستقبل، كما في قوله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015