تفسير الشعراوي (صفحة 13794)

ونلحظ في الأداء القرآني في هذه الآيات الدقة في استخدام لام التوكيد في {لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً ... } [الواقعة: 65] في الحديث عن الزرع؛ لأن للإنسان دوراً فيه، حيث يحرث ويغرس ويسقي، وربما ظَنَّ لنفسه قدرة عليه.

لكن لما تحدَّث عن الماء ذكر في نقضه {لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً ... } [الواقعة: 70] بدون توكيد، لماذا؟ لأن الماء لا دخلَ لأحد فيه، ولا يدعيه أحد، فلا أنت بخرتَ الماء، ولا أنت أنزلتَ المطر، لذلك قال: {جَعَلْنَاهُ ... } [الواقعة: 70] بدون توكيد.

أما عند ذكْر النار كنعمة من نِعَم الله لم يذكر ما ينقضها، فقال: {أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ المنشئون} [الواقعة: 72] ولم يقُلْ مثلاً: لو نشاء لأطفأناها، تُرى لماذا؟ قالوا: لتظل النارُ ماثلة أمامنا على حال اشتعالها لا تخمد أبداً، وكأن الحق - سبحانه وتعالى - يُلوِّح بها لكل عَاصٍ علَّه يعود إلى الجادّة.

ثم يقول سبحانه: {وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ} [الروم: 19] كذلك: إشارة إلى ما سبق ذِكْره من إحياء الأرض بعد موتها، كمثْل ذلك تُخرجون وتُبعثون، فمَنْ أنكر البعث فلينظر عملية إحياء الأرض الجامدة بالنبات بعد نزول المطر عليها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015