تفسير الشعراوي (صفحة 13442)

3

الحق - سبحانه وتعالى - يُسلِّي السابقين من أمة محمد الذين عُذِّبوا وأوذوا، وضُرِبوا بالسياط تحت حَرِّ الشمس، ووُضِعت الحجارة الثقال على بطونهم، والذين جاعوا حتى أكلوا الميتة وأوراق الشجرة يُسلِّيهم: لَسْتم بدعاً في هذه الابتلاءات فاصمدوا لها كما صمد السابقون من المؤمنين.

{وَلَقَدْ فَتَنَّا الذين مِن قَبْلِهِمْ ... } [العنكبوت: 3] فانظر مثلاً إلى ابتلاء بني إسرائيل مع فرعون، إذن فابتلاؤكم أهونِ وأخفّ، وفيه رحمة من الله بكم وأنتم أيسر منهم {فَلَيَعْلَمَنَّ الله الذين صَدَقُواْ وَلَيَعْلَمَنَّ الكاذبين} [العنكبوت: 3] .

ولك أن تقول: ألم يكُن الله تعالى يعلم حقيقتهم قبل أنْ يبتليهم؟ بلى، يعلم سبحانه حقيقةَ عباده، وليس الهدف من اختبارهم العلم بحقيقتهم، إنما الهدف أنْ يُقر العبد بما عُلِم عنه.

ومثال ذلك - ولله المثل الأعلى - حينما نقول للمدرس مثلاً: اعْطنا نتيجة هؤلاء التلاميذ، فليس في الوقت سعة للامتحان فيقول من واقع خبرته بهم: هذا ناجح، وهذا راسب، وهذا الأول، وهذا كذا. عندها يقوم الراسب ويقول: لو اختبرتني لكنت ناجحاً، ولو اختبره معلِّمه لرسب فعلاً. إذن: فربنا - عَزَّ وَجَلَّ - يختبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015