تفسير الشعراوي (صفحة 13430)

يُسبِّح في يد رسول الله، ويُسبِّح في يد أبي جهل. ومن ذلك أيضاً حنين الجذع لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ. ثم ألم يقل الحق سبحانه: {وأوحى رَبُّكَ إلى النحل ... } [النحل: 68] .

ألم يَقُلْ عن الأرض: {بِأَنَّ رَبَّكَ أوحى لَهَا} [الزلزلة: 5] ؟ ألم يُثبت للنملة كلاماً؟ ألم يكلم الهدهد سليمان عليه السلام، وفهم منه سليمان؟

إذن: لكل جنس من المخلوقات لغته التي يفهمها أفراده عن بعض {كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ ... } [النور: 41] وإنْ شاء الله أطلع بعض خَلْقه على هذه اللغات، وأفهمه إياها.

ومعنى: {هَالِكٌ ... } [القصص: 88] البعض يظن أن الهلاك خاصٌّ بما فيه روح كالإنسان والحيوان، لكن لو وقفنا عند قوله تعالى: {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ ويحيى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ... } [الأنفال: 42] .

إذن: فالهلاك يقابله الحياة، فكل شيء يهلك كانت له حياة تناسبه، وإنْ كنا لا نفهم إلا حياتنا نحن، والتي تذهب بخروج الروح.

ومعنى: {إِلاَّ وَجْهَهُ ... } [القصص: 88] أي: إلا ذاته تعالى، ولم يقُلْ: إلا هو؛ لأنه تعالى ليس شيئاً، وللوجه هنا معنى آخر، كما نقول: فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجه الله يعني: فعلت والله في بالي، فالمعنى: كل شيء هالك، إلا ما كان لوجه الله، فلا يهلك أبداً؛ لأنه يبقى لك وتنال خيره في الدنيا وثوابه في الآخرة.

ثم يقول سبحانه: {لَهُ الحكم وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [القصص: 88] أي: له الحكم في الآخرة يوم يقول: {لِّمَنِ الملك اليوم ... } [غافر: 16] لكن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015