تفسير الشعراوي (صفحة 13410)

84

قلنا: إن كلمة (خيرٍ) تُطلق ويُراد بها ما يقابل الشر، كما في قوله تعالى: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8] .

وتُطلق ويُراد بها الأحسن في الخير، تقول: هذا خير من هذا، فكلاهما فيه خير، ومنه قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: «المؤمن القوي خير وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كُلٍّ خير» فهي بمعنى التفضيل، أي: أخير منها، ومن ذلك قول الشاعر:

زَيْدٌ خِيارُ النَّاسِ ... وابْنُ الأَخْيرِ

فجاء بصيغة التفضيل على الأصل، وتقول: هذا حَسَن، وذلك أحسن.

فالمعنى هنا: {مَن جَآءَ بالحسنة فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا ... } [القصص: 84] أي: خير يجيئه من طريقها، أو إذا عمل خيراً أعطاه الله أخير منه وأحسَن، والمراد أن الحسنة بعشر أمثالها.

والحق سبحانه يعطينا صورة توضيحية لهذه المسألة، فيقول سبحانه: {مَّثَلُ الذين يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ والله يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ والله وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015