تفسير الشعراوي (صفحة 11293)

فيها، فقال {فِجَاجاً سُبُلاً ... } [الأنبياء: 31] أي: طرقاً واسعة في الوديان، والأماكن السهلة. وفي موضع آخر قال: {لِّتَسْلُكُواْ مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً} [نوح: 20] .

ومعنى: {وَجَعَلْنَا فِيهَا ... } [الأنبياء: 31] يصح في الجبال أو في الأرض، ففي كل منهما طرق يسلكها الناس، وهي في الجبال على شكل شِعَأب ووديان.

ثم يذكر سبحانه عِلَّة ذلك، فيقول: {لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء: 31] والهداية هنا تحتَمل معنيين: يهتدون لخالقها ومكوِّنها، ويستدلون بها على الصانع المبدع سبحانه، أو يهتدون إلى البلاد والأماكن والاتجاهات، وقديماً كانوا يتخذون من الجبال دلائل وإشارات ويجعلونها علامات، فيصفون الأشياء بمواقعها من الجبال، فيقولون: المكان الفلاني قريب من جبل كذا، وعلى يمين جبل كذا، وقد قال شاعرهم:

خُذَا بَطْنَ هِرْشَي أو قَفَاهَا فَإنَّهُ ... كِلاَ جَانِبَي هَرْشَي لَهُنَّ طَريقُ

فالهداية هنا تشمل هذا وذاك، كما في قوله تعالى: {وَعَلامَاتٍ وبالنجم هُمْ يَهْتَدُونَ} [النحل: 16] أي: يهتدون إلى الطرق والاتجاهات، وكان العربي يقول مثلاً: اجعل الثُّريَا عن يمينك أو النجم القطبي، أو سهيل أو غيرها، فكانوا على علم بمواقع هذه النجوم ويسيرون على هَدْيها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015