تفسير الشعراوي (صفحة 10208)

غيره في مجال الهدى، أما في الضلال فجاءتْ (مَنْ) دالة على الجمع المذكر؟ نقول: لأنه لاحظ لفظ (من) فأفرد الأولى، ولاحظ ما تطلق عليه (من) فجمع الثانية: {وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِهِ. .} [الإسراء: 97]

وهنا مَلْحظ دقيق يجب تدبُّره: في الاهتداء جاء الأسلوب بصيغة المفرد: {وَمَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد. .} [الإسراء: 97] لأن للاهتداء سبيلاً واحداً لا غير، هو منهج الله تعالى وصراطه المستقيم، فللهداية طريق واحد أوضحه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بقوله: «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به» .

أما في الضلال، فجاء الأسلوب بصيغة الجمع: {فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَآءَ. .} [الإسراء: 97] لأن طرق الضلال متعددة ومناهجه مختلفة، فللضلال ألف طريق، وهذا واضح في قول الحق سبحانه: {وَأَنَّ هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ. .} [الأنعام: 153]

والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حينما قرأ هذه الآية خَطَّ للصحابة خَطّاً مُسْتقيماً، وخَطَّ حوله خطوطاً مُتعرّجة، ثم أشار إلى الخط المستقيم وقال: «هذا ما أنا عليه وأصحابي» .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015