تفسير السمعاني (صفحة 8506)

قريش

1

قَوْله تَعَالَى: {لِإِيلَافِ قُرَيْش} روى سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {لِإِيلَافِ قُرَيْش} قَالَ: نعمتي على قُرَيْش بإيلافهم رحْلَة الشتَاء والصيف.

والإيلاف فِي اللُّغَة هُوَ ضد الإيجاش، وَهُوَ نَظِير الإيناس، فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى ابْتِدَاء السُّورَة بِاللَّامِ؟ وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا أَن مَعْنَاهُ: اعجبوا لِإِيلَافِ قُرَيْش وتركهم الْإِيمَان بِي، كَأَنَّهُ يذكر نعْمَته عَلَيْهِم، وَيذكر كفرانهم لنعمته بترك الْإِيمَان، وَالْوَجْه الثَّانِي أَن مَعْنَاهُ: أَن هَذَا مُتَّصِل فِي الْمَعْنى بالسورة الْمُتَقَدّمَة، وَكَأَنَّهُ قَالَ: {فجعلهم كعصف مَأْكُول لِإِيلَافِ قُرَيْش} أَي: ليبقى لَهُم مَا ألفوه من رحلتي الشتَاء والصيف.

وَذكر القتيبي فِي معنى السُّورَة: أَن الْقَوْم لم يكن لَهُم زرع وَلَا ضرع إِلَّا الْقَلِيل، وَكَانَت مَعَايشهمْ من التِّجَارَة وَكَانَت لَهُم رحلتان: رحْلَة فِي الصَّيف إِلَى الشَّام، ورحلة فِي الشتَاء إِلَى الْيمن، وَقيل: غير هَذَا، وَكَانُوا إِذا خَرجُوا من مَكَّة لَا يتَعَرَّض لَهُم أحد، فَإِذا لَقِيَهُمْ قوم قَالُوا: نَحن أهل الله فيكفون عَنْهُم وَلَا يحاجون.

وروى أَنهم كَانُوا يَقُولُونَ: نَحن من حرم الله، فَتَقول الْعَرَب: هَؤُلَاءِ أهل الله فيكفون عَنْهُم، وَهُوَ معنى قَوْله تَعَالَى: {أَو لم يرَوا أَنا جعلنَا حرما آمنا وَيُتَخَطَّف النَّاس من حَولهمْ} فَذكر الله تَعَالَى فِي هَذِه السُّورَة وَالسورَة الْمُتَقَدّمَة منته عَلَيْهِم فِي دفع أَصْحَاب الْفِيل عَنْهُم، ليبقى لَهُم مَا ألفوه من التِّجَارَة فِي رحلتي الشتَاء والصيف.

وَأما قُرَيْش: فهم أَوْلَاد النَّضر بن كنَانَة، فَكل من كَانَ من أَوْلَاد النَّضر بن كنَانَة فَهُوَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015