قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة الْقدر} أَي: الْقُرْآن، وَقد ذكرنَا أَن الله تَعَالَى أنزل جَمِيع الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، ثمَّ أنزلهُ تفاريق على الرَّسُول، بعضه فِي إِثْر بعض وَالْهَاء كِنَايَة عَن الْقُرْآن، وَإِن لم يكن الْقُرْآن مَذْكُورا، وَصَحَّ ذَلِك لِأَنَّهُ مَعْلُوم.
وَلَيْلَة الْقدر: هِيَ لَيْلَة الحكم.
قَالَ مُجَاهِد فِي التَّفْسِير: إِن الله تَعَالَى يقسم فِيهَا [الأرزاق] والأعمال.
وَاخْتلفُوا فِي لَيْلَة الْقدر، فَحكى عَن بَعضهم: أَنَّهَا رفعت حِين توفّي النَّبِي وَلَيْسَ بِصَحِيح، بل هِيَ بَاقِيَة إِلَى قيام السَّاعَة.
وَعَن ابْن مَسْعُود - رَضِي الله عَنهُ - أَنه قَالَ: فِي الْحول، وَمن يقم حولا يُصِيبهَا.
وَالصَّحِيح أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان، وَقد ثَبت بِرِوَايَة زر بن حُبَيْش أَنه قَالَ لأبي بن كَعْب: " إِن أَخَاك عبد الله بن مَسْعُود يَقُول: إِنَّهَا فِي الْحول، فَقَالَ أبي بن كَعْب: يرحم الله أَبَا عبد الرَّحْمَن! لقد علم أَنَّهَا فِي الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان، وَعلم أَنَّهَا لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين، وَلَكِن أَرَادَ أَن لَا يتكل النَّاس على ذَلِك، ثمَّ حلف أبي بن كَعْب، وَلم يسْتَثْن أَنَّهَا لَيْلَة السَّابِع وَالْعِشْرين، قَالَ زر: فَلَمَّا رَأَيْته يحلف: قلت: يَا أَبَا الْمُنْذر، بِمَ تعرف ذَلِك؟ قَالَ بالعلامة الَّذِي ذكرهَا لنا رَسُول الله، وَهِي أَن تطلع الشَّمْس فِي صبيحتها وَلَا شُعَاع لَهَا ".