تفسير السمعاني (صفحة 8382)

فَإِن قَالَ قَائِل: مَا معنى قَوْله: لن يغلب عسر يسرين، وَقد كرر كِلَاهُمَا؟

وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الْفراء ذكر أَن النكرَة إِذا كررت نكرَة، فَالثَّانِي غير الأول، والنكرة إِذا أُعِيدَت معرفَة فَالثَّانِي هُوَ الأول تَقول الْعَرَب: كسبت الْيَوْم درهما، وأنفقت الدِّرْهَم.

فَالثَّانِي هُوَ الأول.

ونقول: وعَلى معنى هَذَا ورد قَوْله تَعَالَى: {كَمَا أرسلنَا إِلَى فِرْعَوْن رَسُولا فعصى فِرْعَوْن الرَّسُول} وَعَن ابْن مَسْعُود قَالَ: لَو دخل الْعسر فِي جُحر لتَبعه الْيُسْر حَتَّى يَسْتَخْرِجهُ.

وَفِي معنى اليسرين قَولَانِ: أَحدهمَا: يسر الدُّنْيَا، وَالْآخر يسر الْآخِرَة، فعلى هَذَا معنى الْخَبَر، إِن غلب الْعسر يسر الدُّنْيَا، فَلَا يغلب يسر الْآخِرَة.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْيُسْر الأول هُوَ للرسول، واليسر الثَّانِي لأَصْحَابه.

قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الجنوجردي قَالَ: أخبرنَا أَبُو إِسْحَاق الثَّعْلَبِيّ الْحسن بن مُحَمَّد النَّيْسَابُورِي قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن عَامر الْبَغْدَادِيّ قَالَ سَمِعت عبد الْعَزِيز بن يحيى قَالَ: سَمِعت عمر قَالَ الْعُتْبِي يَقُول: كنت ذَات لَيْلَة فِي الْبَادِيَة، فَألْقى فِي روعي بَيت من شعر، فَقلت:

(أرى الْمَوْت لمن أصبح ... مغموما أروح)

فَلَمَّا جن اللَّيْل سَمِعت هاتفا يَهْتِف من الْهَوَاء:

(أَلا أَيهَا الْمَرْء الَّذِي ... الْهم بِهِ يبرح)

(وَقد أنْشد بَيْتا ... لم يزل فِي فكره يسنح)

(إِذا اشتدت بك العسرى ... ففكر فِي ألم نشرح)

(فعسر بَين يسرين ... إِذا أبصرته فافرح)

قَالَ: فَحفِظت الأبيات، وَفرج الله غمي.

قَالَ رَضِي الله عَنهُ: وأنشدنا أَبُو بكر قَالَ: أنشدنا أَبُو إِسْحَاق قَالَ أنشدنا الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحسن قَالَ: أنشدنا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْحِيرِي قَالَ: أنشدنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015