تفسير السمعاني (صفحة 8353)

( {16) وسيجنبها الأتقى (17) الَّذِي يُؤْتِي مَاله يتزكى (18) } .

الْمُؤمن وَإِن ارْتكب الْكَبَائِر لَا يدْخل النَّار، هَذَا للمرجئة، وَأما الْخَوَارِج قَالُوا: قد وافقتمونا أَن صَاحب الْكَبَائِر يدْخل النَّار، فَدلَّ أَنه كفر بارتكاب الْكَبِيرَة، والتحق بِمن كذب وَتَوَلَّى حَيْثُ قَالَ الله تَعَالَى: {لَا يصلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى} .

وَالْجَوَاب من وُجُوه: أَحدهَا: أَن مَعْنَاهُ: لَا يصلاها إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى، فالأشقى هم أَصْحَاب الْكَبَائِر، وَالَّذِي كذب وَتَوَلَّى هم الْكفَّار.

وَالْعرب تَقول: أكلت خبْزًا لَحْمًا تَمرا.

أَي: وَلَحْمًا وَتَمْرًا، وحذفوا الْوَاو، وَكَذَلِكَ هَاهُنَا، وَأنْشد أَبُو زيد الْأنْصَارِيّ:

(كَيفَ أَصبَحت كَيفَ أمسيت فَمَا ... يثبت الود فِي فؤاد الْكَرِيم)

أَي: وَكَيف أمسيت؟

وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن للنار دركات، وَالْمرَاد من الْآيَة دركة بِعَينهَا، لَا يدخلهَا إِلَّا الْكفَّار، قَالَ الله تَعَالَى: {إِن الْمُنَافِقين فِي الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار} دلّت الْآيَة أَنه مَخْصُوص لِلْمُنَافِقين، وَهَذَا جَوَاب مَعْرُوف.

وَالْوَجْه الثَّالِث: أَن الْمَعْنى: لَا يصلاها، لَا يدخلهَا خَالِدا فِيهَا إِلَّا الأشقى الَّذِي كذب وَتَوَلَّى، وَصَاحب الْكَبِيرَة وَإِن دَخلهَا لَا يخلد فِيهَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015