تفسير السمعاني (صفحة 8346)

10

وَقَوله: {فسنيسره للعسرى} أَي: يسهل عَلَيْهِ طَرِيق الشَّرّ، وروى أَبُو صَالح عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: يحول بَينه وَبَين الْإِيمَان بِاللَّه وبرسوله.

قَالَ الْفراء: فَإِن سَأَلَ سَائل قَالَ: كَيفَ يستقم قَوْله: {فسنيسره للعسرى} وَكَيف ييسر العسير؟ أجَاب عَن هَذَا: أَن هَذَا مثل قَوْله تَعَالَى {فبشر الَّذين كفرُوا بِعَذَاب أَلِيم} فَوضع الْبشَارَة مَوضِع الْوَعيد بالنَّار، وَإِن لم تكن بِشَارَة على الْحَقِيقَة، كَذَلِك وضع التَّيْسِير فِي هَذَا الْموضع، وَإِن كَانَ تعسيرا فِي الْحَقِيقَة.

وَقد ذكر عَطاء الْخُرَاسَانِي أَن الْآيَة نزلت فِي رجل من الْأَنْصَار كَانَ لَهُ حَائِط، وَله نَخْلَة تتدلى فِي دَار جَاره، وَيَأْكُل جَاره مِمَّا يسْقط من ثمارها، فَمَنعه الْأنْصَارِيّ، فَشكى ذَلِك الْفَقِير إِلَى رَسُول الله، فَقَالَ النَّبِي للْأَنْصَارِيِّ: " بِعني هَذِه النَّخْلَة بنخلة لَك فِي الْجنَّة، فَأبى أَن يَبِيع، فاشتراها مِنْهُ أَبُو الدحداح بحائط لَهُ، وَأَعْطَاهَا ذَلِك الْفَقِير، فَأنْزل الله تَعَالَى فيهمَا هَذِه الْآيَات.

وَالأَصَح أَن الْآيَة نزلت فِي أبي بكر الصّديق - رَضِي الله عَنهُ - لِأَن السُّورَة مَكِّيَّة على قَول الْجَمِيع، فَلَا يَسْتَقِيم أَن تكون الْآيَة منزلَة فِي أحد من الْأَنْصَار.

وَقد (ورد) فِي الْآيَتَيْنِ خبر صَحِيح، وَهُوَ مَا روى مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر، عَن سعد بن عُبَيْدَة، عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، عَن عَليّ بن أبي طَالب قَالَ: " كُنَّا فِي جَنَازَة بِالبَقِيعِ، فَأتى النَّبِي فَجَلَسَ وَجَلَسْنَا مَعَه، وَمَعَهُ عود ينكت بِهِ فِي الأَرْض، فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء وَقَالَ: مَا من نفس منفوسة إِلَّا وَقد كتب مدخلها، فَقَالَ الْقَوْم: يَا رَسُول الله، أَفلا نَتَّكِل على كتَابنَا، فَمن كَانَ من أهل السَّعَادَة فَإِنَّمَا يعْمل للسعادة، وَمن كَانَ من أهل الشَّقَاء فَإِنَّهُ يعْمل للشقاء، قَالَ:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015