وَقَوله: {لتركبن طبقًا عَن طبق} وَقُرِئَ: " لتركبن " على الوحدان، فَمن قَرَأَ على الْجمع فَمَعْنَاه: لتركبن أَيهَا النَّاس حَالا بعد حَال، وَالْحَال هُوَ بِمَعْنى الطَّبَق.
قَالَ الشَّاعِر:
(فَبينا الْمَرْء فِي عَيْش لذيذ ناعم ... خفض أَتَاهُ طبق يَوْمًا على مُنْقَلب دحض)
وَمعنى حَال بعد حَال: هُوَ أَنه يكون نُطْفَة ثمَّ علقَة ثمَّ مُضْغَة ثمَّ ينْفخ فِيهِ الرّوح، وَبعد ذَلِك تتبدل أَحْوَاله، وَيخْتَلف على الْمَعْهُود الْمَعْلُوم من طفولية، وشباب، وهرم، وَغير ذَلِك.
وَيُقَال: لتركبن طبقًا عَن طبق أَي: شدَّة على شدَّة، وَالْمعْنَى: أَنه حَيَاة ثمَّ موت ثمَّ بعث ثمَّ جَزَاء.
فَأَما الْقِرَاءَة على الوحدان فَفِيهِ قَولَانِ.
أَحدهمَا: أَن المُرَاد مِنْهُ السَّمَاء، وَالْمعْنَى: أَنه ينشق وَيكون مرّة كالدهان، وَمرَّة كَالْمهْلِ، وَمرَّة مشقوقة، وَمرَّة صَحِيحَة، وَهُوَ مَرْوِيّ عَن ابْن مَسْعُود وَغَيره.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه خطاب للنَّبِي، وَالْمعْنَى لتركبن أطباق السَّمَاء طبقًا على طبق، وَذَلِكَ لَيْلَة الْإِسْرَاء، وَيُقَال: لتركبن طبقًا عَن طبق يَعْنِي: أصلاب الْآبَاء، وَذَلِكَ للرسول.
قَالَ الْعَبَّاس فِي مدح النَّبِي:
(من قبلهَا طبت فِي الصلاب ... وَفِي مستودع حِين يخصف الْوَرق)
(تنقل من صالب إِلَى رحم ... إِذا مضى عَالم بدا طبق)