قَوْله تَعَالَى: {فذرني وَمن يكذب بِهَذَا الحَدِيث} أَي: خَلِّنِي وإياه وَكله إِلَيّ لأجازيه بِعَمَلِهِ.
وَقيل ذَرْنِي أَي: لَا تشغل قَلْبك بِهِ، وَدعنِي وإياه فَإِنِّي مجازيه ومكافئه، وَهُوَ بِمَعْنى الأول.
وَالْعرب تَقول مثل هَذَا القَوْل، وَإِن لم يكن هُنَاكَ أحد يمنعهُ مِنْهُ، قَالَ الشَّاعِر:
(ذَرِينِي والثعلب أم سعد ... تُقِلني الأَرْض (أَو بَيْتك) أمالا)
وَقَوله: {سنستدرجهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ} الاستدراج فِي كَلَام الْعَرَب هُوَ الْأَخْذ قَلِيلا قَلِيلا، وَمِنْه درج الصَّبِي إِذا مَشى قَلِيلا قَلِيلا.
وروى عبد الرَّحْمَن بن دَاوُد الْخُرَيْبِي عَن سُفْيَان الثَّوْريّ أَنه قَالَ: الاستدراج هُوَ إسباغ النعم، وَمنع الشُّكْر.
وَقيل: هُوَ أَنه كلما جدد ذَنبا جدد الله لَهُ نعْمَة.
وَعَن عقبَة بن مُسلم قَالَ: إِذا كَانَ العَبْد على مَعْصِيّة الله ثمَّ أعطَاهُ الله مَا يحب، فَليعلم أَنه فِي اسْتِدْرَاج.
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: كم من مستدرج يحسن الثَّنَاء عَلَيْهِ، ومغرور يستر الله عَلَيْهِ.
(وَقيل) : سنستدرجهم أَي: نمكر بهم من حَيْثُ لَا يعلمُونَ.