تفسير السمعاني (صفحة 7307)

{لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ وَلَا يخْرجن إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} يطلقهَا طَاهِرا من غير جماع، وَأما من حَيْثُ الْعدة، فمذهب مَالك وَالثَّوْري وَأبي حنيفَة وَكثير من الْعلمَاء أَنه يكره الطَّلَاق ثَلَاثًا جملَة، وَالسّنة أَن يطلقهَا وَاحِدَة وَيَتْرُكهَا حَتَّى تَنْقَضِي عدتهَا، هَذِه هُوَ الأولى، قَالَه مَالك. وَإِن أَرَادَ أَن يُطلق ثَلَاثًا فرق على الْأَطْهَار، فيطلق لكل طهر طَلْقَة، وَأما مَذْهَب الشَّافِعِي رَحمَه الله أَنه لَيْسَ فِي الْجمع والتفريق سنة وَلَا بِدعَة. وَقد ذكر الْأَصْحَاب الأولى أَن يُطلق وَاحِدَة وَإِن لم يكره الْجمع بَين الثَّلَاث، قَالُوا: وَهُوَ الْمَذْهَب. وَفِي الْآيَة دَلِيل (الشَّافِعِي) على قَوْله؛ لِأَن الله تَعَالَى أَبَاحَ الطَّلَاق بقوله: {فطلقوهن لعدتهن} مُطلقًا وَلم يفرق بَين أَن يُطلق وَاحِدَة أَو أَكثر مِنْهَا، وَلِأَن الله تَعَالَى بَين وَقت الطَّلَاق وَلم يبين عدده، وَالْآيَة وَردت لبَيَان الْمسنون من الطَّلَاق، فَلَو كَانَ فِي عدد الطَّلَاق سنة لم يُؤَخر بَيَانهَا.

وَقَوله: {لَا تخرجوهن من بُيُوتهنَّ} أَي: فِي زمَان الْعدة، وَنسب الْبيُوت إلَيْهِنَّ لأجل السُّكْنَى.

وَقَوله: {وَلَا يخْرجن} أَي: لَا يخْرجن بِأَنْفُسِهِنَّ.

وَقَوله: {إِلَّا أَن يَأْتِين بِفَاحِشَة مبينَة} اخْتلف القَوْل فِي معنى الْفَاحِشَة هَاهُنَا، فأظهر الْأَقَاوِيل: أَنَّهَا الزِّنَا، وَهَذَا قَول ابْن مَسْعُود وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن ابْن عَبَّاس وَهُوَ قَول الْحسن وَالشعْبِيّ وَعِكْرِمَة و (حَمَّاد بن أبي سَلمَة) وَاللَّيْث وَجَمَاعَة كَثِيرَة، وَالْمرَاد من الْآيَة على هَذَا إِلَّا أَن تَزني فَتخرج لإِقَامَة الْحَد.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن الْفَاحِشَة هِيَ أَن تبذو على أَهلهَا، قَالَه ابْن عَبَّاس فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَيُقَال فِي قِرَاءَة أبي بن كَعْب: " إِلَّا أَن يفحشن " وَهَذِه الْقِرَاءَة تقَوِّي هَذَا القَوْل. وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت لفاطمة بنت قيس: اتقِي الله فَإنَّك تعلمين أَن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015