قَوْله: {الْحَمد لله} اعْلَم أَن الْحَمد يكون بِمَعْنى الشُّكْر على النِّعْمَة، وَيكون بِمَعْنى التَّحْمِيد وَالثنَاء على الْأَوْصَاف المحمودة. يُقَال: حمدت فلَانا على مَا أسدى إِلَيّ من النِّعْمَة. وَيُقَال: حمدت فلَانا على شجاعته وَعلمه. وَأما الشُّكْر لَا يكون إِلَّا على النِّعْمَة؛ فللحمد معنى عَام، وللشكر معنى خَاص. فَكل حَامِد شَاكر، وَلَيْسَ كل شَاكر حامدا.
يُقَال: حمدت فلَانا على شجاعته. وَلَا يُقَال: شكرت فلَانا على شجاعته.
ثمَّ أعلم أَن حمد الله تَعَالَى لنَفسِهِ حسن لَا كحمد المخلوقين لأَنْفُسِهِمْ؛ لِأَن [حمد] المخلوقين لَا يَخْلُو عَن نقص؛ فَلَا يَخْلُو مدحه نَفسه عَن كذب؛ فيقبح مِنْهُ أَن يمدح نَفسه. وَأما الله - جلّ جَلَاله - بَرِيء عَن النَّقْص وَالْعَيْب؛ فَكَانَ مدحه نَفسه حسنا.
وَقَوله: {الْحَمد لله} هَاهُنَا يحْتَمل مَعْنيين: الْإِخْبَار، والتعليم. أما الْإِخْبَار كَأَنَّهُ يخبر أَن المستوجب للحمد هُوَ الله، وَأَن المحامد كلهَا لله تَعَالَى.
وَأما التَّعْلِيم كَأَنَّهُ حمد نَفسه وَعلم الْعباد حَمده، وَتَقْدِيره: " قُولُوا: الْحَمد لله ".
وَقَوله: {لله} فَاللَّام تكون للإضافة، وَتَكون للاستحقاق، يُقَال: أكل للدابة،