تفسير السمعاني (صفحة 6765)

وَفِي هَذَا الحَدِيث أَن النَّبِي قَالَ: " رَأَيْت على كل ورقة مِنْهَا ملكا قَائِما يسبح الله تَعَالَى ". أوردهُ أَبُو الْحسن بن فَارس قَالَ: فَهُوَ معنى قَوْله: {إِذْ يغشى السِّدْرَة مَا يغشى} وَفِي بعض الرِّوَايَات: يَغْشَاهَا جَراد من ذهب. وَاعْلَم أَن السِّدْرَة شَجَرَة تجمع ثَلَاثَة أَشْيَاء: الظل المديد، والطعم اللذيذ، والرائحة الطّيبَة، كَذَلِك الْإِيمَان يجمع ثَلَاثَة أَشْيَاء: النِّيَّة، وَالْقَوْل، وَالْعَمَل. وَاعْلَم أَنا قد ذكرنَا اخْتِلَاف أَصْحَاب رَسُول الله وَرَضي عَنْهُم فِي أَنه هَل رأى ربه لَيْلَة الْمِعْرَاج أَولا؟

وَذكر أَبُو الْحُسَيْن بن فَارس فِي تَفْسِيره آثارا سوى مَا ذَكرنَاهَا؛ فحكي عَن ابْن عمر أَن الله تَعَالَى احتجب عَن خلقه بِنور وظلمة ونار. وَرُوِيَ عَن [أبي] الْعَالِيَة الريَاحي رَحمَه الله أَن النَّبِي قَالَ: " رَأَيْت لَيْلَة الْمِعْرَاج نَهرا، وَرَأَيْت وَرَاءه حِجَابا، وَرَأَيْت وَرَاء الْحجاب نورا، وَلَا أَدْرِي مَا وَرَاء ذَلِك ". وَرُوِيَ عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ " أَن النَّبِي رأى ربه بفؤاده كَمَا يرى بِالْعينِ ".

وَفِي رِوَايَة أبي ذَر " أَن النَّبِي سُئِلَ هَل رَأَيْت رَبك؟ فَقَالَ: نور أَنِّي أرَاهُ ". فالروايات مُخْتَلفَة فِي الْبَاب، وَالله أعلم بِالصَّوَابِ من ذَلِك. وَيَنْبَغِي أَن يُقَال: إِن ثَبت النَّقْل أَنه رأى ربه نحكم بِالرُّؤْيَةِ ونعتقدها، وَإِن لم يثبت النَّقْل فالأمثل أَنه لم ير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015