تفسير السمعاني (صفحة 6601)

45

قَوْله تَعَالَى: {نَحن أعلم بِمَا يَقُولُونَ} أَي: بِمَا يَقُولُونَ من الشّرك وَالْكذب على الله وعَلى رَسُوله.

وَقَوله: {وَمَا أَنْت عَلَيْهِم بجبار} أَي: بمسلط، وَهُوَ مثل قَوْله تَعَالَى: {لست عَلَيْهِم بمسيطر} والجبار فِي صِفَات الله مَحْمُود، وَفِي صِفَات الْخلق مَذْمُوم، وَكَذَلِكَ المتكبر؛ لِأَن الْخلق أمروا بالتواضع والخشوع والخضوع ولين الْجَانِب وخفض الْجنَاح، وَأما الرب جلّ جَلَاله فيليق بِهِ الجبروت والكبرياء: لِأَنَّهُ المتعالي عَن إِدْرَاك الْخلق، القاهر لَهُم فِي كل مَا يُريدهُ، وَلم يصفه أحد حق صفته، ولأعظمه أحد حق تَعْظِيمه، وَلَا عرفه أحد حق مَعْرفَته. وَقد قيل: إِن الْجَبَّار فِي اللُّغَة هُوَ الْقِتَال، وَهُوَ فِي معنى قَوْله تَعَالَى فِي قصَّة مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام {إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تكون جبارا فِي الأَرْض} أَي: قتالا.

وَقَالَ بَعضهم: إِن الْآيَة مَنْسُوخَة، وَهِي قبل نزُول آيَة السَّيْف، نسختها آيَة السَّيْف. وَفِي بعض التفاسير: أَن قَوْله: {فَاقْتُلُوا الْمُشْركين} نسخت سبعين آيَة من الْقُرْآن.

وَقَوله: {فَذكر بِالْقُرْآنِ من يخَاف وَعِيد} أَي: عظ بِالْقُرْآنِ من يخافني. فَإِن قيل: أَلَيْسَ يوعظ بِالْقُرْآنِ الْكَافِر وَالْمُؤمن جَمِيعًا، فَكيف معنى قَوْله: {من يخَاف وَعِيد} وَالْكَافِر لَا يخَاف وَعِيد الله؟ وَالْجَوَاب: أَنه لما لم ينْتَفع بِالْقُرْآنِ إِلَّا الْمُؤمن فَكَأَنَّهُ لم يخوف بِالْقُرْآنِ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ، وَالله أعلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015