{وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق وشهيد (21) لقد كنت فِي غَفلَة من هَذَا فكشفنا عَنْك غطاءك فبصرك الْيَوْم حَدِيد (22) وَقَالَ قرينه هَذَا مَا لدي عتيد (23) ألقيا فِي جَهَنَّم} يدْخل النَّار. وَفِي الْأَثر الْمَعْرُوف أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ لما احْتضرَ كَانَت عَائِشَة عِنْده فأنشدت:
(لعمرك مَا يغنى الثراء عَن الْفَتى ... إِذا حشرجت يَوْمًا وضاق بهَا الصَّدْر)
فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَا تقولي هَذَا، وَلَكِن قولي: وَجَاءَت سكرة الْحق بِالْمَوْتِ " فَيُقَال: إِنَّه زل لِسَانه، وَيُقَال: هَذِه قِرَاءَته. قَالَت عَائِشَة: فَدَعَا بِصَحِيفَة يسْتَخْلف، وَكتب وظننت أَنه سيستخلف طَلْحَة، وَكنت أود ذَلِك؛ لِأَن طَلْحَة من أقرباء أبي بكر، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لم آل وَلم أوال، فَعرفت أَنه غير مستخلف إِيَّاه.
وَقَوله: {ذَلِك مَا كنت بِهِ تحيد} أَي: تَفِر وتهرب، وَيسْتَحب لِلْمُؤمنِ حب الْمَوْت؛ لِأَنَّهُ بِهِ يستخلص من الأوزار، ويصل إِلَى محبوبه إِن قدر لَهُ خير. وَعَن بعض السّلف: لَا يكره الْمَوْت إِلَّا مريب. وَإِنَّمَا كره تمني الْمَوْت بضر نزل بِهِ على مَا فِي الْخَبَر. فَأَما إِذا تمنى الْمَوْت ليستخلص من الدُّنْيَا وفتنها وشوقا إِلَى لِقَاء ربه فَهُوَ مَحْبُوب.