تفسير السمعاني (صفحة 6568)

{وَجَاءَت كل نفس مَعهَا سائق وشهيد (21) لقد كنت فِي غَفلَة من هَذَا فكشفنا عَنْك غطاءك فبصرك الْيَوْم حَدِيد (22) وَقَالَ قرينه هَذَا مَا لدي عتيد (23) ألقيا فِي جَهَنَّم} يدْخل النَّار. وَفِي الْأَثر الْمَعْرُوف أَن أَبَا بكر رَضِي الله عَنهُ لما احْتضرَ كَانَت عَائِشَة عِنْده فأنشدت:

(لعمرك مَا يغنى الثراء عَن الْفَتى ... إِذا حشرجت يَوْمًا وضاق بهَا الصَّدْر)

فَقَالَ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ لَا تقولي هَذَا، وَلَكِن قولي: وَجَاءَت سكرة الْحق بِالْمَوْتِ " فَيُقَال: إِنَّه زل لِسَانه، وَيُقَال: هَذِه قِرَاءَته. قَالَت عَائِشَة: فَدَعَا بِصَحِيفَة يسْتَخْلف، وَكتب وظننت أَنه سيستخلف طَلْحَة، وَكنت أود ذَلِك؛ لِأَن طَلْحَة من أقرباء أبي بكر، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لم آل وَلم أوال، فَعرفت أَنه غير مستخلف إِيَّاه.

وَقَوله: {ذَلِك مَا كنت بِهِ تحيد} أَي: تَفِر وتهرب، وَيسْتَحب لِلْمُؤمنِ حب الْمَوْت؛ لِأَنَّهُ بِهِ يستخلص من الأوزار، ويصل إِلَى محبوبه إِن قدر لَهُ خير. وَعَن بعض السّلف: لَا يكره الْمَوْت إِلَّا مريب. وَإِنَّمَا كره تمني الْمَوْت بضر نزل بِهِ على مَا فِي الْخَبَر. فَأَما إِذا تمنى الْمَوْت ليستخلص من الدُّنْيَا وفتنها وشوقا إِلَى لِقَاء ربه فَهُوَ مَحْبُوب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015