تفسير السمعاني (صفحة 6502)

{التَّوْرَاة وَمثلهمْ فِي الْإِنْجِيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فَاسْتَوَى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الْكفَّار وعد الله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات مِنْهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما (29) }

وَقَوله: {كزرع} مَعْنَاهُ: هم كزرع.

وَقَوله: {أخرج شطأه} أَي: فِرَاخه. يُقَال: أشطأ الفزرع إِذا فرخ، وَمعنى الْفِرَاخ: هُوَ أَنه ينْبت من الْحبَّة الْوَاحِدَة عشر سنابل وَأَقل وَأكْثر.

وَقَوله: {فآزره} أَي: قواه، وَقُرِئَ: " فأزره " بِغَيْر مد، وَهُوَ بِمَعْنى الأول.

وَقَوله: {فاستغلظ} أَي: استحكم وَاشْتَدَّ وَقَوي.

وَقَوله: {فَاسْتَوَى على سوقه} أَي: انتصب على سَاق.

وَقَوله: {يعجب الزراع} أَي: الحراث. وَهَذَا كُله ضرب مثل النَّبِي وَأَصْحَابه، وَذكر صفتهمْ وَمَا قوى الله بهم النَّبِي وَنَصره بهم.

وَعَن جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق قَالَ: {وَالَّذين مَعَه} أَبُو بكر {أشداء على الْكفَّار} عمر {رحماء بَينهم} عُثْمَان) {تراهم ركعا سجدا} عَليّ رَضِي الله عَنْهُم {يَبْتَغُونَ فضلا من الله ورضوانا} الْعشْرَة.

وَقَوله: {كزرع} مُحَمَّد {أخرج شطأه} أَبُو بكر {فآزره} بعمر {فاستغلظ} بعثمان {فَاسْتَوَى على سوقه} بعلي رَضِي الله عَنْهُم أَجْمَعِينَ، وَهَذَا قَول غَرِيب ذكره النقاش، وَالْمُخْتَار وَالْمَشْهُور هُوَ القَوْل الأول، أَن الْآيَة فِي جَمِيع أَصْحَاب النَّبِي من غير تعْيين، وَعَلِيهِ الْمُفَسِّرُونَ.

وَقَوله: {ليغيظ بهم الْكفَّار} أَي: ليدْخل الغيظ فِي قُلُوبهم.

وَقَوله: {وعد الله الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات مِنْهُم مغْفرَة وَأَجرا عَظِيما} اخْتلفُوا فِي قَوْله: {مِنْهُم} فَقَالَ قوم: من هَاهُنَا للتجنيس لَا للتَّبْعِيض. قَالَ الزّجاج: هُوَ تَخْلِيص للْجِنْس، وَلَيْسَ المُرَاد بَعضهم؛ لأَنهم كلهم مُؤمنُونَ، وَلَهُم الْمَغْفِرَة وَالْأَجْر الْعَظِيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015