قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عارضا مُسْتَقْبل أَوْدِيَتهمْ} الْعَارِض: هُوَ السَّحَاب هَاهُنَا قَالَ الشَّاعِر:
(إِذا نظرت إِلَى أسرة وَجهه ... برقتْ كبرق الْعَارِض المتهلل)
وَقَالَ آخر:
(يَا من يرى عارضا قد [بت] أرمقه ... كَأَنَّمَا الْبَرْق فِي حَافَّاته الشعل)
وَفِي الْقِصَّة: أَن الله تَعَالَى حبس عَنْهُم الْقطر ثَلَاث سِنِين، فَجعلُوا يدعونَ ويسألون الله الْمَطَر، وَرُوِيَ أَنهم وفدوا وَفْدًا إِلَى الْحرم يسْأَلُون الْغَيْث، وَكَانَ لَهُم وَاد يُقَال لَهُ: المغيث، وَكَانَ غيثهم يَأْتِي من قبل ذَلِك الْوَادي، فَرَأَوْا سَحَابَة جَاءَت من جَانب ذَلِك الْوَادي، وَكَانَت سَوْدَاء فاستبشروا و {قَالُوا هَذَا عَارض مُمْطِرنَا} أَي: سَحَاب يُرْسل علينا الْمَطَر؛ فَقَالَ هود عَلَيْهِ السَّلَام، وَكَانَ جَالِسا مَعَهم: {بل هُوَ مَا استعجلتم بِهِ ريح فِيهَا عَذَاب أَلِيم} .
وَقَوله: {بل هُوَ مَا استعجلتم بِهِ} أَنهم كَانُوا قد قَالُوا: " فأتنا بِمَا تعدنا إِن كنت من الصَّادِقين ". وَذكر ابْن إِسْحَاق أَن أول من رأى الْعَذَاب فِي السَّمَاء امْرَأَة مِنْهُم فَقَالَت: أرى نيرانا أمامها رجال يَقُودُونَهَا.