قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَة مباركة} فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنَّهَا لَيْلَة الْقدر، وَهَذَا قَول ابْن عَبَّاس وَالْحسن وَسَعِيد بن جُبَير وَأكْثر الْمُفَسّرين.
وَالْقَوْل الثَّانِي: قَول عِكْرِمَة، وَهُوَ أَنَّهَا لَيْلَة النّصْف من شعْبَان، وسماها مباركة لِكَثْرَة الْخَيْر فِيهَا. وَالْبركَة: نَمَاء الْخَيْر، ونقيضة الشؤم: نَمَاء الشَّرّ. وَقيل: مباركة لِأَنَّهُ يُرْجَى فِيهَا إِجَابَة الدُّعَاء.
وَقَوله: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} أَي: الْقُرْآن، وَفِي معنى هَذَا الْإِنْزَال قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنه أنزل جَمِيع الْقُرْآن فِي لَيْلَة الْقدر إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا، ثمَّ كَانَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام يَأْتِي بِهِ شَيْئا فَشَيْئًا إِلَى أَن أنزل جَمِيعه.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن المُرَاد بالإنزال هَاهُنَا ابْتِدَاء الْإِنْزَال.
وَمعنى قَوْله: {أَنزَلْنَاهُ} أَي: ابتدأنا إنزاله فِي لَيْلَة الْقدر.
وَقَوله: {إِنَّا كُنَّا منذرين} أَي: مخوفين.