وَقَوله: {لتستوا على ظُهُوره} فَإِن قيل: كَيفَ لم يقل: على ظُهُورهَا، وَقد تقدم لفظ الْجمع؟ وَالْجَوَاب: أَن قَوْله: {على ظُهُوره} ينْصَرف إِلَى كلمة " مَا "، وَمَعْنَاهُ: لتستووا على ظُهُور مَا تركبونه.
وَقَوله: {ثمَّ تَذكرُوا نعْمَة ربكُم إِذا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين} أَي: مطيقين، أَي: مَا كُنَّا نطيق تذليله وتسخيره لَوْلَا أَن الله تَعَالَى ذلله وسخره لنا. قَالَ عَمْرو بن معد يكرب:
(وَقد علم الْقَبَائِل مَا عقيل ... لنا فِي النائبات بمقرنينا)
وَعَن بَعضهم أَنه ركب بعيره وَقَالَ: سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقرنين، فَسَمعهُ الْحُسَيْن بن عَليّ رَضِي الله عَنْهُمَا فَقَالَ: أهكذا أمرت؟ إِنَّمَا أمرت أَن تذكر نعْمَة الله تَعَالَى ثمَّ تَقول هَذَا، فَإِذا ركبت فَقل: الْحَمد لله الَّذِي هدَانَا لِلْإِسْلَامِ وَمن علينا بِمُحَمد، وَالْحَمْد لله الَّذِي جعلنَا من خير أمة أخرجت للنَّاس، ثمَّ قَالَ: " سُبْحَانَ الَّذِي سخر لنا هَذَا ".
وَقد ثَبت بِرِوَايَة ابْن عمر أَن النَّبِي كَانَ إِذا اسْتَوَى على بعيره مُتَوَجها فِي سفر،