{شقَاق بعيد (52) سنريهم آيَاتنَا فِي الْآفَاق وَفِي أنفسهم حَتَّى يتَبَيَّن لَهُم أَنه الْحق أَو لم يكف بِرَبِّك أَنه على كل شَيْء شَهِيد (53) أَلا أَنهم فِي مرية من لِقَاء رَبهم أَلا إِنَّه بِكُل شَيْء مُحِيط (54) } السَّمَوَات وَالْأَرضين، وَذَلِكَ من رفع السَّمَاء، وَخلق الْكَوَاكِب، ودوران الْفلك، وإضاءة الشَّمْس وَالْقَمَر، وَمَا أشبه ذَلِك، وَكَذَلِكَ بسط الأَرْض، وَنصب الْجبَال، وتفجير الْأَنْهَار، وغرس الْأَشْجَار، إِلَى مَا لَا يُحْصى.
وَقَوله: {وَفِي أنفسهم} أَي: من السّمع وَالْبَصَر، وَخلق سَائِر الْجَوَارِح وَجَمِيع الْحَواس. وَفِي بعض التفاسير: أَن من الْآيَات فِي النَّفس دُخُول الطَّعَام وَالشرَاب من مَكَان وَاحِد، وَخُرُوجه من مكانين. وَقيل: دُخُول الْأَطْعِمَة على ألوان كَثِيرَة، وخروجها على لون وَاحِد. وَقَالَ السدى: الْآيَات فِي الْآفَاق هِيَ فتح الْأَمْصَار، وَفِي الْأَنْفس فتح الرَّسُول مَكَّة. وَيُقَال: الْآيَات فِي الْآفَاق هِيَ الْفتُوح الَّتِي كَانَت بعد الرَّسُول، وَفِي أنفسهم هِيَ الَّتِي كَانَت فِي زمَان الرَّسُول. وَقيل: الْآيَات فِي الْآفَاق مَا أخبر من الْأُمَم الْمُتَقَدّمَة وَمَا نزل بهم، والآيات فِي الْأَنْفس هِيَ مَا أَنْذرهُمْ من الْوَعيد وَالْعَذَاب. وَقَالَ مُجَاهِد: الْآيَات فِي الْآفَاق هُوَ إمْسَاك الْمَطَر من السَّمَاء. والآيات فِي الْأَنْفس هِيَ البلايا فِي الأجساد.
وَقَوله: {حَتَّى يتَبَيَّن لَهُم أَنه الْحق} يَعْنِي: أَن الرَّسُول حق. وَقيل: الْقُرْآن حق.
وَقَوله: {أولم يكف بِرَبِّك} يَعْنِي: أولم يكفك يَا مُحَمَّد من رَبك [أَنه] على كل شَيْء شَهِيد وَقيل مَعْنَاهُ: أَو لَيْسَ فِي شَهَادَة رَبك كِفَايَة. وَقيل: أَو لَيْسَ فِي الدّلَالَة الَّتِي أَقَامَهَا على التَّوْحِيد كِفَايَة.
وَقَوله: {إِنَّه على كل شَيْء شَهِيد} أَي: لِأَنَّهُ على كل شَيْء شَهِيد، أَو بِأَنَّهُ على كل شَيْء شَهِيد.