تفسير السمعاني (صفحة 5960)

وَإِنَّمَا ذكرُوا هَذَا الْمَعْنى؛ لِأَن الْأَمر لَا يرد إِلَّا بِالْفِعْلِ طَوْعًا. وَذكر بَعضهم: أَن الله تَعَالَى خلق فِي السَّمَوَات تمييزا وعقلا، فخاطبهما وأجابا على الْحَقِيقَة، وَقد ذكرنَا. وَأورد بَعضهم: أَن الْخطاب لمن فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض. وَفِي تَفْسِير النقاش: أَن الْموضع الَّذِي أجَاب من الأَرْض هُوَ الْأُرْدُن، وَفِيه أَيْضا: أَن الله تَعَالَى خلق سَبْعَة عشر نوعا من الأَرْض، هَذَا الَّذِي ترَاهُ أَصْغَر الْكل، وأسكن تِلْكَ الْأَرْضين قوما لَيْسُوا بإنس وَلَا جن وَلَا مَلَائِكَة، وَالله أعلم.

وَقَوله: {قَالَتَا أَتَيْنَا طائعين} وَلم يقل: طائعتين، قَالُوا: لِأَن المُرَاد هُوَ السَّمَوَات بِمن فِيهَا، وَالْأَرْض بِمن فِيهَا. وَيُقَال: لِأَن السَّمَوَات سبع والأرضون سبع، وَهَذَا مَرْوِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ فِي الأَرْض فَقَالَ: طائعين لأجل هَذَا الْعدَد.

قَوْله تَعَالَى: {فقضاهن سبع سموات فِي يَوْمَيْنِ} أَي: خَلقهنَّ. وَفِي التَّفْسِير: أَن الله تَعَالَى خلق السَّمَوَات يَوْم الْخَمِيس، وَخلق الشَّمْس وَالْقَمَر وَالْكَوَاكِب وَالْمَلَائِكَة وآدَم يَوْم الْجُمُعَة، وَسميت الْجُمُعَة جُمُعَة؛ لِأَنَّهُ اجْتمع فِيهَا الْخلق. وَفِي بعض التفاسير: أَن الله تَعَالَى خلق آدم فِي آخر سَاعَة من سَاعَات الْجُمُعَة، وَتَركه أَرْبَعِينَ سنة ينظر إِلَيْهِ ويثني على نَفسه، وَيَقُول: {تبَارك الله رب الْعَالمين} وَفِي بعض التفاسير أَيْضا: أَن الله تَعَالَى لما خلق الأَرْض قَالَ لَهَا: أَخْرِجِي أشجارك وأنهارك وثمارك فأخرجت، وَلما خلق الله السَّمَاء قَالَ لَهَا: أَخْرِجِي شمسك وقمرك ونجومك فأخرجت.

وَقَوله: {وَأوحى فِي كل سَمَاء أمرهَا} أَي: مَا يصلحها، وَيُقَال: جعل فِيهَا سكانها من الْمَلَائِكَة.

وَقَوله: {وزينا السَّمَاء الدُّنْيَا بمصابيح وحفظا} قد بَينا.

وَقَوله: {وحفظا} أَي: وحفظناها حفظا من الشَّيَاطِين بِالشُّهُبِ والنجوم.

وَقَوله: {ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم} أَي: تَقْدِير القوى على مَا يُرِيد خلقه، الْعَلِيم بخلقه وَمَا يصلحهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015