قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا جَاءَتْهُم رسلهم بِالْبَيِّنَاتِ فرحوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم} فَإِن قيل: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا، وَلم يكن عِنْدهم [علم] أصلا؟
قُلْنَا: قد كَانَ فِي ظنهم أَنهم عُلَمَاء، فَسمى مَا عِنْدهم علما على ظنهم، وَكَانَ الَّذِي ظنوه أَن لَا بعث وَلَا جنَّة وَلَا نَار وَلَا حَيَاة بعد الْمَوْت.
وَالْقَوْل الثَّانِي فِي الْآيَة: أَن قَوْله: {فرحوا} يرجع إِلَى الرُّسُل، وَمعنى الْآيَة: فَرح الرُّسُل بِمَا عِنْدهم من الْعلم بِهَلَاك أعدائهم.
وَيُقَال: فرحوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم أَي: رَضوا بِمَا عِنْدهم من الْعلم، وَلم يطلبوا الْعلم الَّذِي أنزلهُ الله على الْأَنْبِيَاء وقنعوا بِمَا عِنْدهم، وَهُوَ كَانَ جهلا على الْحَقِيقَة.
وَقَوله: {وحاق بهم مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون} أَي: نزل بهم وبال مَا كَانُوا بِهِ يستهزئون.