وَقَوله تَعَالَى: (وَإِن كُنْتُم فِي ريب) أَي: شكّ. فَإِن قيل: كَيفَ ذكره على التشكيك وهم فِي ريب على التَّحْقِيق؟ قيل: مثله جَائِز فِي كَلَام الْعَرَب؛ كَمَا يَقُول الرجل لغيره: إِن كنت رجلا فافعل كَذَا؛ وَإِن عرف أَنه رجل على التَّحْقِيق. قيل: أَرَادَ بِهِ " وَإِذ كُنْتُم " فَيكون على التَّحْقِيق، {مِمَّا نزلنَا} من الْقُرْآن {على عَبدنَا} يَعْنِي: على الرَّسُول.
{فَأتوا بِسُورَة} السُّورَة: اسْم للمنزلة الرفيعة؛ وَمِنْه سُورَة الْبناء؛ لارتفاعه. قَالَ الشَّاعِر:
(ألم تَرَ أَن الله أَعْطَاك سُورَة ... ترى كل شَيْء دونهَا يتذبذب)
أَي: أَعْطَاك سُورَة منزلَة، أَي: منزلَة رفيعة. وَسميت سُورَة الْقُرْآن سُورَة؛ لِأَن القارىء ينَال بِقِرَاءَة كل سُورَة منزلَة؛ حَتَّى يستكمل جَمِيع الْمنَازل باستكمال الْقُرْآن، وَقيل: السُّورَة اسْم لقطعة من الْقُرْآن مَعْلُوم الأول وَالْآخر، وَمِنْه سُؤْر الطَّعَام لما بَقِي مِنْهُ. وَفِي الْخَبَر " إِذا أكلْتُم فاسأروا " أَي: أَبقوا بَقِيَّة. وَإِنَّمَا نزل الْقُرْآن سُورَة سُورَة حَتَّى [أَن] القارىء كلما قَرَأَ سُورَة وافتتح أُخْرَى ازْدَادَ نشاطا، فَيكون أنشط فِي الْقِرَاءَة، أَو لِأَنَّهُ رُبمَا لَا يُمكنهُ حفظ جَمِيع الْقُرْآن فيحفظ بعض السُّور.
{فَأتوا بِسُورَة من مثله} وَقَوله: {من مثله} فِيهِ مَعْنيانِ: أَحدهمَا قَالَه ابْن