تفسير السمعاني (صفحة 5332)

{الأذقان فهم مقحمون (8) وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سدا وَمن خَلفهم سدا فأغشيناهم} بذكرها عَن ذكر الْأَيْدِي، قَالَ الْأَزْهَرِي: معنى الْآيَة: إِنَّا جعلنَا فِي أَعْنَاقهم وأيديهم أغلالا، فَهِيَ كِنَايَة عَن الْأَيْدِي.

فَإِن قيل: فَكيف يكنى عَن الْأَيْدِي وَلم يجر لَهَا ذكر؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الْعَرَب تكني عَن الشَّيْء وَإِن لم تجر لَهُ ذكرا، إِذا كَانَ مَعْلُوما.

قَالَ الشَّاعِر:

(وَلَا أَدْرِي إِذا يممت أَرضًا ... أُرِيد الْخَيْر أَيهمَا يليني)

(أألخير الَّذِي أَنا أبتغيه ... أم الشَّرّ الَّذِي هُوَ يبتغيني)

فقد كنى بقوله: أَيهمَا عَن الشَّرّ وَالْخَيْر، وَالشَّر غير مَذْكُور.

وَقَوله: {إِلَى الأذقان} مَعْنَاهُ: إِلَى الْأَعْنَاق إِلَّا أَنه ذكر الأذقان لقرب الْأَعْنَاق من الأذقان، وَقَوله: {فهم مقحمون} المقمح: هُوَ الَّذِي رفع رَأسه وغض طرفه، وَالْعرب تسمى الكانونين شَهْري القماح؛ لِأَن الْإِبِل ترد المَاء وتشرب، فَترفع رَأسهَا من شدَّة الْبرد، قَالَ الشَّاعِر:

(وَنحن على جوانبه قعُود ... نغض الطّرف كَالْإِبِلِ القماح)

وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " إِنَّا جعلنَا فِي أَيْمَانهم أغلالا "، وَهِي قِرَاءَة مَعْرُوفَة عَنهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015